ماذا لو؟
ماذا لو خلعت تعابير وجهك المعتادة هذه
المرّة، و أفرغت تصوّراتك و أحكامك السابقة في وعاء، و ألبست قلبك رداءً أبيضًا، و
جمّدت العروق بلسانك قبل الشروع في الحديث مع من يخالفك رأيًّا؟
مهلًا، هل مازلت قادرًا على الحديث؟ أم أنّك
لا تستطيع إلّا أن تكون أنت.. بصفاتك، بأفكارك، بكلماتك.. بكل ما تحمله من مشاعر و
ملامح وجه؟
ماذا لو كنت على حقّ؟ هل سيشفع ذلك لك وجهك
العابس، و أفكارك المسبقة التي تحملها برأسك الكبير و تترنح به يمينًا و شمالًا؟
ماذا لو كنت على خطأ؟ هل ستتفكر بما أضعف
موقفك؟ أم أنّك ستعبّر عن غضبك بموقفك الحرج بكل ما تحمله من كلمات اعتدت استخدامها
منذ عشرات السنين؟ لا هي تغيرت، و لا حتى أنت!
ماذا لو خلعت حذاءك و جرّبت أن تدوس التراب
بأقدامك؟ هل جربت يومًا أن تدوس على بعضك؛ على تلك الهالة المتغطرسة التي تتشبث
بها، و تتشبث هي بك؟
لربما دست على جبهتك التي ترفعها عاليًا
أثناء المسير..
ماذا لو شعرت بالندم بعد أن حطّمت ما حطّمته
بعنادك و تعصبك و أنانيتك، و جرحت من جرحت.. و آلمت من آلمت.. هل سينفعك ندمك بعد فوات
الآوان؟
أم أنّك ما زلت تتشبث بفكرتك الساذجة التي
لطالما رددتها لنفسك مرارًا و تكرارًا:
هذا طبعي، و هم يعلمون!
ماذا لو كانت هذه المرة هي آخر فرصة لكَ في
قلب أحدهم، صبرَ عليك كثيرًا لعلّك تستيقظ من غفلتك؟ لكنّك متشبّثٌ بكل ما يخصّك؛
بحلاوته و مرارته!
ماذا لو كان اليوم هو يومك الأخير؟ هل أنت
راضٍ عن كل ما صنعته يداك؟
أم أنّك ما زلت تصرخ بداخلك: سأعيش الدهر
كلّه!
ماذا لو جربت يومًا أن تنظر لنفسك و لمواقفك و
آرائك نظرة أوسع؟ هل الزاوية التي تنظر منها على نفسك منفرجةً بما يكفي لتقيّم
نفسك؟
أم حتى نظرتك لنفسك من زاوية حادّة كطبعك؟
ماذا لو نظرت لنفسك في عيون غيرك؟ هل كنت
ستصدق ما تراه حينها؟
ماذا لو جرّبت أن تجيب على كل "ماذا
لو؟" يخطر ببالك..
لو كنت طيرًا |
"ماذا لو كنت طيرًا؟".. أتذكر من قال
هذه العبارة؟ رجلٌ آمن بفكرته الصالحة حدّ الاعتقاد الحارّ، و علم أنّ مصيره سيكون
وراء القضبان في بلاد لا تحترم رجال العلم ولا تقدر مفكريها!
لكنّه قال كلمته و لم يسلّم عقله و قلمه و
فكره للمستبدّين..
صدقَ أحمد مطر عندما قال في قصيدته حريّة:
" و حينما اقتيد أسيرا
قفزت دمعته ضاحكةً
ها قد تحررتُ
أخيرا.."
تعليقات
إرسال تعليق