أزمة ثقة!


 

بدأ دكتورنا الجامعيّ حديثه: أنتم جيلٌ لا يقرأ. هل تعرفون الكاتب الفلانيّ؟ بالطبع لا.. فأنتم لا تقرأون..

استرسل في قائمة الأشياء التي ينبغي علينا أن نكونها، أو الشاكلة التي يجب أن نكون عليها، جازمًا.. مؤكّدًا أننا كما يرانا هو، و لسنا كما نقول نحن عن أنفسنا.

أكمل حديثه قائلًا: هل تعرفون ابن خلدون؟ صاحب مقدمة ابن خلدون؟

بالطبع لا تعرفوه، و لم تسمعوا عنه، لا عجب بذلك فأنتم جيلٌ..

قاطعتُ حديثه الذي كان يسرده بنشوةٍ لا توصف، قلت له و الجدّيّة ظاهرةٌ على وجهي:

أنا الآن في الفصل الأول من الكتاب في الصفحة الثالثة عشر. هل أنت جاهزٌ لنجلس جلسة نقاشيّة لما أنجزته من الكتاب؟ أم تنتظرني لأكمل قراءة "المقدّمة" و نجلس جلسةً نقاشيّة؟

وهنا يا أصدقائي، كان من دكتورنا الفاضل أن عاد إلى شرح محاضرته من جديد.. و كأنّه لم يسمع منّي حرفًا!!!

شتّان.. شتّان بين محاضرٍ يشعرك أنّك هامشيّ، وبين محاضرٍ يشعرك أنّك أصلُ الحكاية!

أثر الانتقاد السلبيّ!

ما الفائدة المرجوّة من خطاب سوداويّ، غير أنّه منفرٌ ويثير البغض في نفوس المستمعين؟

كيف لنا أن نظن بأن النصح يأتي على هذه الشاكلة؛ من هجوم، و اتهامٍ، و إظهار انعدام الثقة بالطرف المقابل؟

أذكر أنّي قرأت مرةً في كتاب للدكتور سلمان العودة "كيف نختلف؟":

من حقوق المسلم على أخيه؛ الحقوق اللّسانيّة:

"... التعاطف الوجدانيّ يَذبل حين لا نحسن التعبير عنه، *والكلمة الطيّبة صدقة*، والكثيرون لا يطلبون أكثر من كلمة دعم أو مؤازرة أو تشجيع، أو حتى عزاء… والبخيل مِن بخل بطيب الكلام، و أقل ما يجب أن يقدّمه الإنسان كلمة حقّ…"

د. سلمان العودة


إن أكمل الناس و أفضلهم: أعفّهم لسانًا، و أصدقهم لهجةً، و أبعدهم عن القيل و القال، و أسلمهم من تتبّع العثرات و الزّلات، و حشد الأخطاء و المثالب و تصنيفها و تعزيزها، و البدء و الإعادة حولها. فمن يلّون كلامه بلون العارف و يخاطب من أمامه خطاب المستويات المتدنيّة، لن يحصد إلّا النفور و الكره من الناس.

 

لا يوجد أحد مفصّل على قياس الآخر، هي هكذا الحياة، لوحة متكاملة من الألوان و الأشكال و الاهتمامات و الخلفيات الثقافيّة. اختلافي عنك لا يعني أنني الصواب و أنك الخطأ، فلا وجود لخطأ كامل و صواب كامل. الإنسان ذاته مختلف، السماء و الأرض، الصباح و المساء، الذكر و الأنثى، المهمات بين بعضها، الحركة و الثبات.. الحياة بما فيها ترسل لكَ رسالةً تدعوك للتكامل مع غيرك لا التناظر و لا التنافر!

 

سأل سائلٌ الحكيم: متى نصل للحقيقة؟

أجابه الحكيم: عندما تبدأ البحث عنها.

فردّ السائل بسؤال آخر: و كيف نعرف أننا نبحث بالشكل الصحيح؟

فأجابه الحكيم: ابدأ أولًا.. و ستجد الطريق يناديك! فقط ابدأ..

 


سأرفق لكم هنا بودكاست بصوتي، بعنوان: "أزمة الثقة". ضمن برنامج لي باسم: يوميات طالب جامعيّ، من كتابتي و أدائي الصوتي. هذا البرنامج يتناول القضايا الاجتماعية و المشاكل التي نعيشها من منظور طالبٍ جامعيّ!




 

 

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بلاد العرب أوطاني!!

من اهتماماتهم تعرفوهم!

ماذا لو؟