من اهتماماتهم تعرفوهم!


أثناء تصفّحي للفيسبوك، ظهرت أمامي هذه العبارة: "من اهتماماتهم تعرفوهم!"، فكرت مليًّا بكلماتها، ووجدت أنها صادقة بكل معنى الكلمة. فنحن وفي كثير من الأحيان نحمّل بعضنا فشل علاقاتنا بغيرنا.. متناسين أنّه كان لنا الحق منذ اللحظة الأولى أن نختار السير أو عدم الخوض في هذه العلاقة، و أنه كان بإمكاننا أن نمعن النظر قليلًا بصفات و اهتمامات من تربطنا علاقة بهم!

لكننا صرفنا النظر منذ البداية عن كل ما يخصّ الغير، بحجة أننا مدركين شخصهم، فاهمين طبعهم و حافظين طريقتهم في الحياة. لكننا في حقيقة الأمر و في كثير من الأحيان، ننشغل بما نحب نحن، وما نهتم به، وما يشعرنا بالراحة.. و في أقرب فرصة للحوار مع الغير، نجد أنفسنا قد تجهّزنا لافتراس كل من يخالفنا الرأي و الرؤية!

 

لندخل في صلب الموضوع بشكل أعمق، و لننظر للقضية من زاوية أكبر.. هل تساءلتم يومًا عن علاقة الاهتمامات بشخصيّة الإنسان؟

أو مثلًا، هل فكرتم يومًا عن العلاقة الوثيقة بين الطبائع و الاهتمامات؟

هنا في هذا المقال محاولة إلى إعادة ترتيب الذات، عن طريق فهم علاقتنا بذاتنا قبل أن نحاول أن نفهم علاقتنا بالغير!

 

أجناس الناس


لطالما نفرت من عناوين كتب التنمية البشريّة، لما تحمله من مبالغة في وصف محتوى الكتاب و صلبه. على سبيل المثال، تجد كتب بعنوان: كيف تصبح أغنى شخص في العالم!

أو مثلًا: كيف تصنع أصدقاء بسبع خطوات!

أو على سبيل المثال: الطريق الصحيح لتصبح محبوبًا بين الناس!!

والكثير من الأمثلة التي تحمل نفس صفة المبالغة في وصف شيء ليس بالحقيقي في كثير من الأحيان، أو تجد أثره سلبيّ على نفسك ولا يستطيع مساعدتك بشيء.

ما الهدف من ذكر هذه الأمثلة؟ أو ما السبب لحديثنا عن الكتب المزيفة في حديثنا هذا؟

الموضوع ببساطة نقطة مشتركة واحدة: المبالغة!

المبالغة في الانغماس بالذات و تجاهل الغير يفقدنا إنسانيتنا، يعشرنا أننا محور الكون أو أن الكون يدور حولنا! انظرللناس من حولك، راقب اهتماماتهم تفهمهم.

 استمع لعجوز يهوى أن يقصص عليك ذكريات الماضي، تجد أن هذه هي طريقته الوحيدة  ليستجمع ما تبقّى له من أيام مضت!

ابتسم في وجه شاب طموحٍ لا يعرف السكون، يقفز في كل مرة من مكان لمكان محاولة منه لإيجاد نفسه.. ولا تتعجّل و تصفه بالمتهور، لربما كانت المسافة بينه و بين حلمه قفزة واحدة و بكلماتك الجارحة أطفأتَ شعلته!

جالس جليس الكتاب و تعلّم منه انتقاء الكتب، و راقبه و هو يقلّب الصفحات صفحة تلو الأخرى. أمعن النظر فيه جيدًا، تجد داخله ثورة لا تنضب، عكس الهدوء الظاهر على وجهه.. و لو كتب على جبينه ما يفكر به لوجدت عبارة تقول بلسانه: حياة واحدة لا تكفيني.. أريد مزيدًا من الكتب!

 

كن أنت!

كن أنت ما تريد، و ابحث عن نفسك أينما تريد.. لكن إيّاك و أن تتسرع في حكمك على من حولك. فكلّ منا في رحلته الخاصة في محاولة إيجاد نفسه! و إن أدركنا هذه الحقيقة جيّدًا، سندرك أننا ألوان و أجناس و أصناف.. فلا تفرض لونك على غيرك، فجمال الحياة بألوانها.

عليك أن تدرك أن لكل منا اهتماماته..

فكن أنت أنت.. و دعهم يكونوا هم كما يريدون!!

و إذا أردت أن تفهم الناس أكثر: انظر لاهتماماتهم تعرفهم!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بلاد العرب أوطاني!!

ماذا لو؟