بلاد العرب أوطاني!!
بالنسبة لعبارة:
"بلاد العرب أوطاني!" والتتمة التي نعرفها جميعًا..
هل كان يعلم من كتبها أن في بلادنا ينشغل الطالب
الجامعيّ بإحضار أوراقٍ ثبوتيّة تارةً لكونه من جنسية معينة، و تارةً لكون إقامته
نظاميّة، و تارة لكونه اجتاز الصف الأول الابتدائي و قائمة طويلة من الإثباتات…
و يركض وراء تأمين قسط ساعاته الجامعيّة أكثر من تركيزه على رفع معدله؟
هل كان يعلّم من
كتبها أنه يُطلب منك كل فترة أن تثبت أنك خرجت من بلدك بتاريخ كذا.. و وصلت للبلد
الفلاني بتاريخ كذا.. و تظهر براءتك من كونك تعمل "معاذ الله" من دون
رخصة؛ مع العلم أن تطبيق شروط الرخصة أصعب من التنفس تحت الماء أو يكاد يصل لسهولة
عيش السمك على اليابسة؟
هل يعلم من
كتبها أننا نغير لهجتنا الأصلية لمجرد أننا خرجنا من دائرتنا المعتادة مخافةً من
تنمّرٍ أو ازدراءٍ، أو إقصاءٍ، أو انتقاص…؟
هل يعلم من
كتبها أن بلاد العرب لا تريدنا.. ولا تحتوينا.. هي فقط تحاول أن تبصقنا من حدودها
ما استطاعت لذلك سبيلاً؟
لا أريد أن
أتناول القضايا و الصعوبات الاجتماعية التي نعيشها بسوداويّة، لكنني أحاول أن أكون
واقعيّة، و أبتعد كل البعد عن المثاليّة. لماذا نتعجّب من هجرة الشباب و معدل
البطالة في بلادنا في ازدياد لا يرحم أحدًا؟ قد يقول البعض منكم: الإنسان الناجح
يصنع فرصته بيده.
صحيح هذا الكلام،
لكن عملية صناعة الفرصة تحتاج بيئة داعمة، تعليم جيّد، تسهيلاتٌ للمشاريع الناشئة،
دعمٌ نفسي و معنويٌ، و قائمة طويلة من الحاجيات التي بوجودها تُخلق الفرصة، و بعدم
وجودها وأدٌ للفكرة قبل أن تولد حتّى!
و في ظلّ
الضغوطات التي نعيشها في ظل الحروب المحيطة بنا، أصبح ملف اللاجئين الذين لا حول
لهم ولا قوّة موضوعًا يستعصي على الفهم. ففي عملهم تعقيدات، و في السماح لهم
بالتملّك إشكاليات، و في تعليمهم ألف ورقة و ورقة لثبت تسلسل دراسيّ من مدارسهم
التي أصبحت رمادًا أو حطامًا.
ماذا نقول لمن
خاب ظنّه بعد التخرج و انصدم بسوق عملٍ يشبه كل شيء إلا الذي تعلّمه بالجامعة؟
ماذا نقول لصاحب الكفاءة الذي اعتقد حالمًا أن الوظيفة ستكون جاهزة له باعتماده
على كفاءته فقط؟ ناسيًا أننا في عالم الوساطة و المحسوبيّة و التبعيّة و تمسيح
الجوخ لفلان و فلان من الناس؟
لا أدعو في هذا المقال لنشر السوداوية كما ذكرت منذ قليل، على العكس من ذلك تمامًا. فما أحاول
الوصول له من هذه الكلمات، هو محاولة إيصال صوت الكثير الذين يعانون و لا يجدون
سبيلًا لحل مشاكلهم. و محاولة لكشف الغطاء عن الضغوطات التي نعيشها بكل أشكالها و
بكل ألوانها. هنا محاولة لنعيد ترتيب أولوياتنا.. و لدعوة أصحاب القدرة و التغيير أن
يبدأوا بإحداث الفرق في حياة المحبطين أو المتضررين بأي شكل من الأشكال.
صحيح ذكّروني..
من كتب " بلاد العرب أوطاني "؟
تعليقات
إرسال تعليق