من يربي طفلي معي؟
لفت نظري أثناء جولتي في
السوق لشراء حاجيات العيد مشهد قد يظنّه البعض ليس بالجديد، أو بتعبير آخر: موجود
في كل بيت!
في
محل للألبسة و الناس تتزاحم عند الشراء و غرف تبديل الملابس.. كنت واقفة بانتظار
غرفة ملابس فارغة. وجدتُ طفلة لا تتجاوز الثلاث سنوات جالسةً بكل هدوء على كرسيّ و
بيدها هاتف محمول يقلّب فيديوهات اليوتيوب بين يديها كما يشاء، الفيديو تلو الآخر.. و عيناها تزداد اتساعًا!
طال الانتظار.. و طال وقوفي في نفس المكان.. و كانت الطفلة الصغيرة قريبة
منّي، فكنت قادرة على التقاط بعض المشاهد مما تتابعهُ على الهاتف. كانت المشاهد:
ألوان صاخبة، حركات بذيئة، صراخ عالٍ، ضحك
هستيري، بكاء، حركات غير لائقة يؤديها ممثلون "راشدون" يرتدون لباس
أطفال " رُضّع "!
طفلة تشاهد اليوتيوب |
تقززت من المشاهد بشكل كبير، و كعادتي التي يعرفها أغلبكم.. بشرى لا تستطيع
أن تقف هكذا، و تشاهد فقط. بدأتُ البحث
بعيوني عن والدة الطفلة، لعلّني أستفرد بها و أخبرها عن حجم الكارثة التي تزرعها
في عقل طفلتها بهذه الفيديوهات العبثيّة (المليئة بالإيحاءات و الرسائل الضمنية
القذرة).. وفي أثناء بحثي عن الوالدة، خرجتْ سيدة في بداية الثلاثين من العمر من
غرفة تبديل الملابس، و ابتسامة النصر ظاهرة على وجهها (فكان مقاس الفستان ملائمًا
عليها)، و اقتربتْ من الطفلة و قالت لها:
" برافو ماما.. خليك عاقلة! "، و
أكملتْ مشوارها نحو البائع لتشتري فستانها الجميل الذي جاء على مقاسها..
كان منّي يا أصدقائي.. أن وقفت " عاقلة " بدوري، و انتظرت طابور
النساء الذي أمامي بصمت!
عندما نقرأ
هذا النص، ما السؤال الأول الأول الذي يخطر ببالكم؟
هل تفكرون مثلًا: ماذا يشاهد أطفالنا؟
أو مثلًا: كيف لفيديو أن يؤثر سلبًا على طفلي؟
أو أن نقول: هل ما يتعرض له طفلي من أفكار مبطنة سيؤثر على صحته النفسية و
المجتمعيّة؟
أظن أن هناك الكثير من الأسئلة التي ولدت بعد هذه القصة البسيطة، التي قد
نكون عشناها أو سمعنا عن شيء شبيه، أو تعرضنا له بشكل أو بآخر.
صحيح أن بداية الحل هو طرح السؤال،
لكن طرح الأسئلة وحده لا يكفي فنحن نسعى إلى إيجاد الحل الجذري لهذه المشكلة
الحقيقة التي نتعرض لها في حياتنا المجتمعية عامةً و الأسرية خاصّةً. و لكي نبتعد
عن كوننا فلاسفة و نسعى لإيجاد الحل علينا أن نحلل المشهد من قريب و من بعيد، فهنا
معضلتنا الأساسية غياب الأهل في أشد الأوقات حساسية في عمر الطفل، و في زمن
الاتصالات و الفيديوهات التي تصل إلى عقله الباطن أسرع مما نتخيل. فلم تعد تربية
الطفل تقتصر على الأب و الأم، بل إن المجتمع بما فيه من اختلافات و ضغوطات و
تطورات و أحداث.. جميعها تشارك في عملية التربية،ونضيف إلى ذلك كل ما يتعرض له
الطفل من صور و فيديوهات. فإذا أدركنا هذا الموضوع باكرًا سهّلنا على أنفسنا العمل
في جو سليم و بيئة سليمة لتنشئة طفل سليم نفسيّا و صحيًّا و مجتمعيًّا..
عندما نتكلم عن تربية الطفل، فإن خير من يخطر ببالنا من هو من أهل الاختصاص
و أهل الثقة الذين يتكلمون عن التربية السليمة و الطفل السليم هو الدكتور عبد
الكريم بكار.
من هو الدكتور عبد الكريم بكّار؟
د. عبد الكريم بكّار يعدّ من أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية و
الفكر الإسلامي. حيث يسعى إلى تقديم طرح مؤصل و مجدد لمختلف القضايا ذات العلاقة
بالحضارة الإسلامية و قضايا النهضة و الفكر و التربية و العمل الدعوي. وولدكتور
بكّار ما يقارب الأربعين كتابًا في هذا المجال. و نذكر بعض عناوين الكتب التي قد
تكون مرجعًا مهمًا في عالم التربية:
1- حول التربية و التعليم
2- دليل التربية الأسرية.
3- بناء الأجيال.
4- تأسيس عقلية الطفل.
5- طفل يقرأ.
6- مشكلات الأطفال.
7- المراهق.
8- إلى أبنائي و بناتيي خمسون شمعة لإضاءة دروبكم.
9- مسار الأسرة.
10- كتاب القواعد العشر: أهم
القواعد في تربية الأبناء.
وغيرها الكثير من المراجع و الكتب..
ومن هذا المنبر، أدعو نفسي و من حولي بأن نتساءل باستمرار، هل المفاهيم الاجتماعيّة
الخاطئة مثل: " حافظي على طفلك هادئًا مهما كلفك الأمر!" سيظل يسيطر علينا
و على حياة أسرنا، و يجرّنا نحو الهاوية لما يسببه من ملءٍ خطير لفراغ الطفل؟
فكروا مجددًا.. و أعيدوا حساباتكم..
تعليقات
إرسال تعليق