المشاركات

ماذا لو؟

صورة
  ماذا لو خلعت تعابير وجهك المعتادة هذه المرّة، و أفرغت تصوّراتك و أحكامك السابقة في وعاء، و ألبست قلبك رداءً أبيضًا، و جمّدت العروق بلسانك قبل الشروع في الحديث مع من يخالفك رأيًّا؟ مهلًا، هل مازلت قادرًا على الحديث؟ أم أنّك لا تستطيع إلّا أن تكون أنت.. بصفاتك، بأفكارك، بكلماتك.. بكل ما تحمله من مشاعر و ملامح وجه؟   ماذا لو كنت على حقّ؟ هل سيشفع ذلك لك وجهك العابس، و أفكارك المسبقة التي تحملها برأسك الكبير و تترنح به يمينًا و شمالًا؟ ماذا لو كنت على خطأ؟ هل ستتفكر بما أضعف موقفك؟ أم أنّك ستعبّر عن غضبك بموقفك الحرج بكل ما تحمله من كلمات اعتدت استخدامها منذ عشرات السنين؟ لا هي تغيرت، و لا حتى أنت!   ماذا لو خلعت حذاءك و جرّبت أن تدوس التراب بأقدامك؟ هل جربت يومًا أن تدوس على بعضك؛ على تلك الهالة المتغطرسة التي تتشبث بها، و تتشبث هي بك؟ لربما دست على جبهتك التي ترفعها عاليًا أثناء المسير..   ماذا لو شعرت بالندم بعد أن حطّمت ما حطّمته بعنادك و تعصبك و أنانيتك، و جرحت من جرحت.. و آلمت من آلمت.. هل سينفعك ندمك بعد فوات الآوان؟ أم أنّك ما زلت تتشبث بفكر...

من اهتماماتهم تعرفوهم!

صورة
أثناء تصفّحي للفيسبوك، ظهرت أمامي هذه العبارة: " من اهتماماتهم تعرفوهم! "، فكرت مليًّا بكلماتها، ووجدت أنها صادقة بكل معنى الكلمة. فنحن وفي كثير من الأحيان نحمّل بعضنا فشل علاقاتنا بغيرنا.. متناسين أنّه كان لنا الحق منذ اللحظة الأولى أن نختار السير أو عدم الخوض في هذه العلاقة، و أنه كان بإمكاننا أن نمعن النظر قليلًا بصفات و اهتمامات من تربطنا علاقة بهم! لكننا صرفنا النظر منذ البداية عن كل ما يخصّ الغير، بحجة أننا مدركين شخصهم، فاهمين طبعهم و حافظين طريقتهم في الحياة. لكننا في حقيقة الأمر و في كثير من الأحيان، ننشغل بما نحب نحن، وما نهتم به، وما يشعرنا بالراحة.. و في أقرب فرصة للحوار مع الغير، نجد أنفسنا قد تجهّزنا لافتراس كل من يخالفنا الرأي و الرؤية!   لندخل في صلب الموضوع بشكل أعمق، و لننظر للقضية من زاوية أكبر.. هل تساءلتم يومًا عن علاقة الاهتمامات بشخصيّة الإنسان؟ أو مثلًا، هل فكرتم يومًا عن العلاقة الوثيقة بين الطبائع و الاهتمامات؟ هنا في هذا المقال محاولة إلى إعادة ترتيب الذات، عن طريق فهم علاقتنا بذاتنا قبل أن نحاول أن نفهم علاقتنا بالغير!   أجناس الناس ...

بلاد العرب أوطاني!!

صورة
بالنسبة لعبارة: "بلاد العرب أوطاني!" والتتمة التي نعرفها جميعًا..   هل كان يعلم من كتبها أن في بلادنا ينشغل الطالب الجامعيّ بإحضار أوراقٍ ثبوتيّة تارةً لكونه من جنسية معينة، و تارةً لكون إقامته نظاميّة، و تارة لكونه اجتاز الصف الأول الابتدائي و قائمة طويلة من الإثباتات… و يركض وراء تأمين قسط ساعاته الجامعيّة أكثر من تركيزه على رفع معدله؟   هل كان يعلّم من كتبها أنه يُطلب منك كل فترة أن تثبت أنك خرجت من بلدك بتاريخ كذا.. و وصلت للبلد الفلاني بتاريخ كذا.. و تظهر براءتك من كونك تعمل "معاذ الله" من دون رخصة؛ مع العلم أن تطبيق شروط الرخصة أصعب من التنفس تحت الماء أو يكاد يصل لسهولة عيش السمك على اليابسة؟   هل يعلم من كتبها أننا نغير لهجتنا الأصلية لمجرد أننا خرجنا من دائرتنا المعتادة مخافةً من تنمّرٍ أو ازدراءٍ، أو إقصاءٍ، أو انتقاص…؟   هل يعلم من كتبها أن بلاد العرب لا تريدنا.. ولا تحتوينا.. هي فقط تحاول أن تبصقنا من حدودها ما استطاعت لذلك سبيلاً؟   غربة وطن! لا أريد أن أتناول القضايا و الصعوبات الاجتماعية التي نعيشها بسوداويّة، لكنني أحاول أن أك...

عقدة التشبيك؛ ماذا لو أخذتَ مكاني؟

صورة
    فاجعةٌ هذه التي تجعل منّا وحوشًا أمام الفرص. أصبحنا كأفواه بندقيّة لا نتردد أبدًا بضغط الزناد، على من وصل قبلنا لطابور الفرصة. خاصّة إذا استشعرنا بانقراض فرصتنا أمام هذا الكم الهائل من الإقبال!! لكن، مهلًا.. عن أي فرصة نتكلّم؟ سأخبركم عن حربٍ خفيّة في النفوس، تجدها في أشد المواقف حساسيّة بين الناس. تجدها بين الطلاب الجاميين، أو مثلًا بين الموظفين الذين يتنافسون لترقية ما أو منصب ما، و بإمكانك أن تجدها في أي ساحة تنافسيّة. تدعى هذه الحرب: "ورشة تدريبّة مجانيّة"، أو مثلًا: " فرصة ميدانيّة بمقاعد محدودة!". شعار هذه الحرب الخفيّة: ( سجّل اسمك و لا تخبر أحدًا!!) التنافس المَرضيّ! ربما الفكرة التي أتكلم عنها في هذا المقال لم تكتمل ملامحها حتى اللحظة، لذلك سأعرض عليكم تجربة شخصيّة مررت بها بيني و بين أحد الزملاء في الجامعة لعلّ هذا يدعم مقالي بشيء من الوضوح أو البيان: _مرحبًا. ·        أهلًا. _ سمعتُ أنّكَ تخضع لدورة تدريبيّة تفيد تخصصنا، و سمعتُ أنها بالمجّان. أين هي؟ و هل بإمكاني الانضمام؟ ·        آآ...

أزمة ثقة!

صورة
  بدأ دكتورنا الجامعيّ حديثه: أنتم جيلٌ لا يقرأ. هل تعرفون الكاتب الفلانيّ؟ بالطبع لا.. فأنتم لا تقرأون.. استرسل في قائمة الأشياء التي ينبغي علينا أن نكونها، أو الشاكلة التي يجب أن نكون عليها، جازمًا.. مؤكّدًا أننا كما يرانا هو، و لسنا كما نقول نحن عن أنفسنا. أكمل حديثه قائلًا: هل تعرفون ابن خلدون؟ صاحب مقدمة ابن خلدون؟ بالطبع لا تعرفوه، و لم تسمعوا عنه، لا عجب بذلك فأنتم جيلٌ.. قاطعتُ حديثه الذي كان يسرده بنشوةٍ لا توصف، قلت له و الجدّيّة ظاهرةٌ على وجهي: أنا الآن في الفصل الأول من الكتاب في الصفحة الثالثة عشر. هل أنت جاهزٌ لنجلس جلسة نقاشيّة لما أنجزته من الكتاب؟ أم تنتظرني لأكمل قراءة "المقدّمة" و نجلس جلسةً نقاشيّة؟ وهنا يا أصدقائي، كان من دكتورنا الفاضل أن عاد إلى شرح محاضرته من جديد.. و كأنّه لم يسمع منّي حرفًا!!! شتّان.. شتّان بين محاضرٍ يشعرك أنّك هامشيّ، وبين محاضرٍ يشعرك أنّك أصلُ الحكاية! أثر الانتقاد السلبيّ! ما الفائدة المرجوّة من خطاب سوداويّ، غير أنّه منفرٌ ويثير البغض في نفوس المستمعين؟ ...

لذّة العيش اختلاس!

صورة
  _ قال: لم تكن تسير الأمور على ما يرام.. هذا هو جوابي المعتاد حين أسأل نفسي عن كل هذه الغربة التي بداخلي. لكنني في لحظةٍ ما، سقطت منّي حقيقة أن الحزن الذي بداخلي لا يأتي من الأحداث و الأمور_تلك خديعة الحياة_، إنّ الغربة التي بداخلي أتت طيلة هذه السنين من الوحش الذي يسكنني. أشعر به دائمًا.. أشعره.. أشعرني.. فأجد أني لست على ما يرام!   _ فقلت: من المخيف التوقف عن التفكير و التفكّر لمجرد أن في الحياة ألم. ألا تتفق معي؟ ألا تجد أن من الصادم أن تتعب من كثرة التفاصيل، وأنت نفسك كنتَ تستلذّ بكل تفصيل بتفصيله؟ كنتَ تجلس مع نفسك و تنتشي من أثر سحر التفاصيل، و روعة رسائل الحياة التي ترسلها لنا من حين إلى حين! أعلم أن الحياة يتخللها ألم و فقدان، لكنني أعلم أن الوحش الذي بداخلنا هو من صنع أيدينا!! تحدثني عن الغربة التي بداخلك، قل لغربتكَ أنني أؤمن بالجوهر النابض الحيّ فينا.. أؤمن به حدّ اليقين!   _فقال: وأنا المفتون بالتفاصيل. لا نستلذ بها بقدر ما نتألم منها.. أتألم في كل مرة عن كل أولئك الذين لا يعنيهم تبعات ما يتفوهون به، أتألم في كل مرة أرى طفلًا يجلس على قارعة الطريق...

من يربي طفلي معي؟

صورة
  لفت نظري أثناء جولتي   في السوق لشراء حاجيات العيد مشهد قد يظنّه البعض ليس بالجديد، أو بتعبير آخر: موجود في كل بيت!   في محل للألبسة و الناس تتزاحم عند الشراء و غرف تبديل الملابس.. كنت واقفة بانتظار غرفة ملابس فارغة. وجدتُ طفلة لا تتجاوز الثلاث سنوات جالسةً بكل هدوء على كرسيّ و بيدها هاتف محمول يقلّب فيديوهات اليوتيوب بين يديها كما يشاء،   الفيديو تلو الآخر.. و عيناها تزداد اتساعًا! طال الانتظار.. و طال وقوفي في نفس المكان.. و كانت الطفلة الصغيرة قريبة منّي، فكنت قادرة على التقاط بعض المشاهد مما تتابعهُ على الهاتف. كانت المشاهد: ألوان صاخبة، حركات بذيئة،   صراخ عالٍ، ضحك هستيري، بكاء، حركات غير لائقة يؤديها ممثلون "راشدون" يرتدون لباس أطفال " رُضّع "! طفلة تشاهد اليوتيوب تقززت من المشاهد بشكل كبير، و كعادتي التي يعرفها أغلبكم.. بشرى لا تستطيع أن تقف هكذا، و تشاهد فقط. بدأتُ البحث بعيوني عن والدة الطفلة، لعلّني أستفرد بها و أخبرها عن حجم الكارثة التي تزرعها في عقل طفلتها بهذه الفيديوهات العبثيّة (المليئة بالإيحاءات و الرسائل الضمنية القذرة).. وفي أ...